U3F1ZWV6ZTE2NDAzNzE1MDYwMTE2X0ZyZWUxMDM0ODg4MTkwMzEzNw==

الأرصاد الفلكية، وحركة الأجرام السماوية


   جدير بالذكر أن العلماء اليونان لم يعنوا بأخذ الأرصاد الفلكية، وإنما اعتمدوا على أرصاد المصريين والآشوريين القدماء في تحقيق نظرياتهم عن الكون، وحركة الأجرام السماوية.
وإذا كانت الحضارة اليونانية وكذلك الرومانية تدينان بالكثير من الفضل للحضارة المصرية، فإن الفضل واضح في مجال علم الفلك؛ فها هم هؤلاء علماؤهم يذكرون صراحةً مدى استفادتهم من تجارب المصريين في مجال الفلك، إذ جاءوا إلى مصر إلى "عين شمس" و"منـف" وغيرها من المدن الهامة، لينهلوا من علم علمائها وكهنتها؛ ومن أشهر هؤلاء "فيثاغورس"، و"أرشميدس".
         
           مناظر فلكية على الجزء الداخلى لتابوت سوتر

وقد أصبحت مدينة "الإسكندرية" -بعد أن أسسها "الإسكندر الأكبر" (الثالث) 332 قبل الميلاد - قبلة العلماء في الرياضيات والفلك، وذلك بعد أن أقيم متحف يضم مكتبة لرصد الأجرام السماوية.
ومن علمائها الأقدمين "ارستاركس" الذي كان يعتقد بدوران الأرض، ولم يتم التحقق من ذلك إلا في القرن السادس عشر الميلادي؛ وله رسالة في تقدير بُعد الشمس والقمر. ومنه أيضاً "تيمارخس"، و"ارستيلاس"، واللذين كانا أول من قاس مواقع النجوم، وكانت تُعرف قبل ذلك بالوصف الطويل الغامض.  

 
الحسابات الفلكية - من مقبرة "سننموت" في "الدير البحري"

ومن أعلام مدرسة الإسكندرية "اراتوسوثينز"، وإليه يرجع الفضل في قياس قطر الأرض بطريقة علمية صحيحة. ومنهم أيضاً "سوسجنيز" الذي ابتكر فكرة (السنة الكبيسة) لجعل متوسط طول السنة المدنية مساوياً لطول السنة النجمية التي اتخذها العبرانيون وحدة لقياس الزمن .
ومن أشهر علمائها"ﭙطلميوس"، ومؤلفه المكون من ثلاثة عشر جزءاً ظلت أساساً للعلوم طيلة خمسة عشر قرناً. وقد شرح في هذا المؤلف حلول المثلثات الكروية، ونظرية القمر، والشهر القمري، ومعها أجزاء في حركة السيارات. وكتاب خاص بأجهزة (الإسطرلاب) والاقتراب الظاهري للقمر بهما. وكتاب خاص لظواهر الكسوف والخسوف، وآخرين عن ظاهرة (تقهقر الاعتدالين).

 
رسم مأخوذ من الألبوم النابوليونى لزودياك إسنا الصغير


والواقع أن أساس الفلك المصري كان يرتكز في معظمه على النجوم، مما يدل على روح قوة الملاحظة العملية التي كانت تميز المصري القديم في كل أعماله.
وأخيراً، فلولا أن الكهنة المصريين قد أحاطوا علومهم بسياج من السرية، وصبغوها دائماً بالرموز الغامضة، لأمكننا استخلاص الآراء والنظريات العلمية التي كان لهم السبق فيها، وخصوصاً بعد أن امتزجت حضارة اليونانيين بحضارتهم.
ولقد لخص الأستاذ "أنتونياوي" ما أخذه اليونانيون عن قدماء المصريين من مبادئ العلوم في ثلاثين نظرية وطريقة، وأهمها على الإطلاق: نظرية ما يسمونه "العناصر الأربعة" (الماء، والأرض، والهواء، والنار)؛ والعرف العلمي بأن شروق الشمس هو وجهها، وشمالها يمينها، وجنوبها يسارها،؛ والبروج النجومية التي تمر بها الشمس أثناء مسارها الظاهري بين النجوم؛ ونظرية أن الشمس والقمر والسيارات تتحرك في اتجاه عكسي للحركة اليومية للأجرام السماوية؛ ونظرية أن الشمس والقمر كرويتان؛ وطريقة قياس القطر الزاوي للشمس والقمر؛ ونظرية أن القمر عبارة عن أرض خلاء؛ ونظرية أن القمر مضيءٌ بضوء الشمس. وهذا بالإضافة إلى سبب ظاهرتي الكسوف والخسوف؛ والتنبؤ بظاهرتي الكسوف والخسوف؛ وتعيين الأوقات لعطارد والزهرة كنجمي صباح ومساء؛ ورصد الشروق والغروب الاحتراقي للنجوم، واستخدامها في تعيين طول السنة النجمية؛ وكروية الأرض، وكونها مركز الكون؛ والقياس المحتمل لقطرها.

 
دائرة البروج الفلكية بمعبد دندرة (zodiac)

وقد عرف المصري القديم حساب المثلثات، وتفوق في علمي الهندسة والرياضيات، واستفاد من مزج هذه العلوم بمعارفهم الفلكية، والدليل على ذلك قائم حتى الآن، ويعد من عجائب الدنيا السبع، ألا وهو (الهرم الأكبر) الذي يعتبر عملاً من الأعمال الهندسية المعجزة في التاريخ الإنساني.

تعليقات
الاسمبريد إلكترونيرسالة