U3F1ZWV6ZTE2NDAzNzE1MDYwMTE2X0ZyZWUxMDM0ODg4MTkwMzEzNw==

تـا ورت (&A-wrt)

  تـا ورت  (&A-wrt)

    إحدى ربات الحماية فى مصر القديمة، ونالت شهرة ومكانة خاصة لدى جموع المصريين فى عصر الدولة الحديثة، وذلك كرب شعبية منزلية. وامتد الأمر فادمجت مع الربات الكبريات فى مصر، خاصة فى العصور المتأخرة.
    وعلى الرغم من هذه المكانة التى حظيت بها بدءاً من الدولة الحديثة، فإن الآراء قد تباينت بشأن بداية ظهورها، وعما إذا كان ذلك فى عصر الدولة القديمة، أم قبل ذلك بكثير فى عصور ما قبل التاريخ.

 المعبودة "تاورت"

   وهى ربة الحمل عند المصريين القدماء، وتعتبر أقدم معبودة مصرية فى هيئة فرس النهر، أى بوصفها تجسيداً لأنثى فرس النهر. اختصت بحماية السيدات أثناء الحمل والولادة، وبحماية الأطفال المواليد، وحماية النائمين. لذلك فهى تعد من الربات الخيرات الطيبات، واشتهرت بقدرتها الفائقة فى صد جميع أنواع الشرور التى قد تصيب البشر، سواء الأحياء أو الأموات.
   وقد عرفت الربة أنثى فرس النهر بالعديد من الأسماء، كان أقدمها الاسم الذى عرفت بها الربة (Ipi)   ، بمعنى (المُرضع، الحاضن). وقد ظهر هذا الاسم فى "نصوص الأهرام" ، وتغير شكل كتابته بعد ذلك ليصبح (Ipt).
     كما عرفت أيضاً باسم (Dt)   ، بمعنى (البيضاء) ؛ وهذا فضلاً عن الاسم (Rrt)  ، والذى عرفت به الربة منذ الأسرة الثامنة عشرة، والذى يعنى (أنثى الخنزير، المُرضع). وقد ظهر هذا الاسم على إحدى العصى السحرية التى يرجع تأريخها إلى الدولة الوسطى أمام أنثى فرس النهر.


    المعبودة "ررت"، تجسيد لإحدى الكواكب الكونية. تُعرف تحت اسم "إيزيس"، "ررت ورت". ارتبطت أيضاً بالربة "تـا ورت". تفاصيل نقش من غرب طيبة. نقلاً عن:
 Wilkinson, R., The Complete Gods and Goddesses, 184
.

    ولعل أشهر الأسماء التى عرفت بها كان  "تاورت" (&A-wrt)  ، ويعنى (العظيمة) ، ويعد هذا الاسم هو أكثر الأسماء شيوعاً لها. وتظهر الربة "تا ورت" عادةً على هيئة أنثى فرس النهر منتصبة على أقدامها الخلفية التى تتخذ شكل أقدام الأسد، وتستند بإحدى يديها على علامة الحماية   (سـا).
    وللربة أذرع بشرية تنتهى بمخالب أسد، وهى ذات بطن كبيرة، وثديين متدليين لامرأة، مع ذيل تمساح يتدلى من خلف الظهر. وقد تظهر فى صورة أنثى بثدى متدلٍ، والبطن المستديرة لسيدة حامل.
    وترتدى الربة "تا ورت" أحياناً الشعر المستعار، أو تاجاً يتخذ شكل قرص الشمس ما بين قرنى بقرة، وتعلوه ريشتان عاليتان.
   وغالباً ما تصور وهى تفتح فمها الواسع العريض، فتظهر أسنانها وأنيابها. كما أن لها أنف يشبه أحياناً أنف الخنزير، والذى ربما يؤكد دورها كربة حامية.
   وقد اتسم مظهر الربة "تا ورت" بطابع خيالى غريب مركب من عناصر مجمعة من أخطر ثلاثة حيوانات: (أنثى فرس النهر، والأسد، والتمساح)، وأضيف إليها بعض الملامح الآدمية. وقد عثر على العديد من التمائم التى تتخذ شكل فرس النهر فى بعض دفنات "البدارى" ؛ لذلك يرجح أن بداية ظهور "تا ورت" يرجع غالباً إلى عصر ما قبل الأسرات، ثم استمر تقديسها وعبادتها فى العصور التاريخية التالية تحت أسماء مختلفة. ولا يوجد عبادة رسمية لها على الرغم من أنها قد ظهرت فى بعض معابد العصر المتأخر كربة حامية.
    وقد صورت هذه الربة فى العديد من التمائم والرموز وقطع الأثاث، مثل الأسِرَّة، وأدوات الزينة، وغيرها من الأدوات التى تضفى رمزية أو معنى للخصوبة. وقد عُثر على العديد من التمائم والرموز لها فى مدينة "تل العمارنة"، وكذلك فى مدينة العمال "دير المدينة".
    وقد اشتهرت الربة "تا ورت" بكونها ربة حامية للمنزل، حيث أنها لعبت دوراً كبيراً فى حماية الأمهات أثناء الحمل والولادة، وفى تسهيل عملية الولادة.
    كما أنها لعبت دوراً فى حماية النائمين، وتوفير الراحة والأمان لهم أثناء فترات نومهم، وذلك من خلال طرد الأرواح الشريرة والكائنات الضارة  التى تؤذى وتقلق راحة النائم .
ونظراً لارتباط المعبودة "تا ورت" بمفهوم الحماية، ونظرة المصرى القديم إليها بوصفها من الربات الخيِّرات الحاميات، فقد صورت بكثرة على العصى السحرية منذ الدولة الوسطى، تلك العصى التى اختصت بحماية السيدات الحوامل والأطفال؛ حيث ظهرت بصحبة المعبود "بـس" فى هيئاتها المعتادة التى تصورها منتصبة على أرجلها الخلفية، ويتدلى ذيل التمساح خلف ظهرها.
    ولذلك أطلق عليها لقب (Nbt-Aw)    ، أى: (سيدة الحماية)، أو: (سيدة القوى الحامية) . ويتأكد دورها فى الحماية من خلال تمثيلها غالباً وهى تستند على رمز الحماية، العلامة (A)   . كما صورت أيضاً وهى تمسك فى يديها علامة (anx)، رمز الحياة.
     وبالإضافة إلى ذلك، فقد صورت أيضاً وهى تمسك بسكين أو أكثر كمظهر من مظاهر القتال والحماية، وذلك لقطع رؤوس المخطئين، وتمزيق الأعداء والحيوانات المفترسة وإبادتهم، والتصدى للثعابين والعقارب، ومحاربة الأشرار، وحماية النـائم ضد مختلف الأخطار والأرواح الشريرة.
    وقد لعبت الربة "تا ورت" دوراً فى بعث وإحياء الموتى، وحمايتهم من أخطار الظلام، وذلك من خلال الشعلة التى تحملها لتبديد ظلمات الموتى، وإنارة العالم الآخر المظلم الذى يسكنون فيه. كانت "تا ورت" تظهر على أنها الربة حاملة الشعلة التى تستخدم لإبعاد الظلام عن الموتى، وصورت لذلك أحياناً حاملة الشعلة، كما أنها اتخذت لقب (حاملة الشعلة فى "بيت الشعلة").
    وقد ورد لقب خاص بالمعبودة "تا ورت" فى نقش وجد فى منطقة "جبل السلسلة" من عصر الأسرة التاسعة عشرة، ارتبط بدورها فى حماية الموتى والنائمين : (الماء الطاهر، التى توجد فى "نـون" - المياه الأزلية)".
     فقد تكونت المعبودة "تا ورت" فى المياه الأزلية، وجسدت السائل الذى تكون منه العالم، ومن هذا المنطلق لعبت دوراً رئيسياً فى عملية الخلق، وميلاد سائر الكائنات، فهى بذرة الحياة التى تنبع من الماء.
   وقد ارتبطت "تا ورت" بالعديد من الأرباب والربات، فقد قورنت وسويت بالربة "حتحور"، والتى عادةًً ما كانت تصور بباروكة الشعر الخاصة بها، فنجدها مصورة واقفة فى رفقة "حتحور" فى الفصل (186) من "كتاب الموتى".
    وارتبطت كذلك بالربة "موت"؛ كما شُبهت بالربة "إيزة" فى العصر المتأخر، رغم عدم السبب وراء هذا التقارب بينهما. وعرفت أيضاً كزوجة للمعبود "ست"، والذى كان يمثل فى هيئة ذكر فرس النهر أحياناًَ.
    وقد ازدادت شعبية "تا ورت" منذ الدولة الحديثة كربة حامية وشعبية، وعرفت كأكثر المعبودات الشعبية الحامية التى انتشرت عبادتها فى المنازل فى هذه الفترة، سوياً مع المعبود "بـس"  كما ذكرنا سلفاً.
    فقد تم العثور على الكثير من الأدلة فى المنازل، ومنها ما وجد بالفعل فى قرية العمال فى "دير المدينة" و"تل العمارنة"، والتى تشير إلى وجود هياكل صغيرة داخل المنازل خصصت لعبادة الربة تا ورت"، وتقديم القرابين لها.
    كما كانت الشعائر تقام لها فى هذه المنازل، وذلك باعتبارها من المعبودات الشعبية الحامية المتصلة بالخصوبة والأمومة، هذا فضلاً عن حماية أهل المنزل من أية أرواح شريرة .



 
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة