U3F1ZWV6ZTE2NDAzNzE1MDYwMTE2X0ZyZWUxMDM0ODg4MTkwMzEzNw==

طبقات الكهنة


 طبقات الكهنة
          كان الكهنوت (الخاص بكل معبود أو معبد) يترأسه كاهـنٌ يوصف بأنه: (الكاهن الأول، أو: الكاهن الأكبر)، وأحياناً ما كان يحمل لقباً خاصاً يشير إلى وظيفته الفعلية فى خدمة المعبود.
    
 جزء من بردية  كتاب الموتى تصور الكهنة يقومون بالطقوس الدينية "طقسة فتح الفم".المتحف البريطاني
    وهناك صعوبة فى التفرقة الدقيقة بين هذه الطبقات، خاصة مع اختلاف المكانة والأدوار المنوطة لكل طبقة من عصر إلى آخر وفقاً لعدد من العوامل الدينية والسياسية والحضارية. وعلى ذلك يمكننا أن نرسم خطوطاً عريضة لطبقات الكهنة. وكانت الخدمة الدينية تؤدى للمعبود بواسطة خادمه، وكان "الكاهن المرتل" المسمى (غِرى حبت) هو المسئول عن ترتيل التعاويذ والتلاوات.
 طبقة الكهنة العظام
    وهم الذين كان يُسمح لهم بحضور كل الشعائر التى كانت تقام للمعبود فى قدس الأقداس بالمعبد. وهم أرقى درجات الكهانة، ولهذا يطلق عليهم (كبارالكهنة). وليس هناك اصطلاح خاص فى اللغة المصرية للتعريف بهذه الوظيفة. وفى المعابد الكبرى لهم ألقاب ترجع إلى أصل بالغ القدم، أو لهم ألقاب خاصة تشير إلى وظائفهم الفعلية فى خدمة المعبود الذى كانوا ينتمون إليه، والتى تشير إلى عبادة المعبود نفسه.
   ومن هنا فإن الكاهن الأكبر فى "هليوبوليس" (عين شمس) كان يسمى:(wr-mAw)،  أى: (كبير الرَّائين)، أو: (كبير الناظرين). وقد كان من قبل يسمى: (مَن يستطيع رؤية العظيم، أى المعبود)، وهو اللقب الذى تم تحويره بعد أن أعادت الأجيال التالية تفسيره إلى: (أعظم الرَّائين يستجلى طلعةَ المعبود "رع"). كما كانت تطلق عليه ألقاب إضافية أخرى، مثل: (الذى يرى سرَّ السماء)، و: (رئيس أسرار السماء)، كما لو كان كبيراً للفلكيين.
    وكان كبير كهنة المعبود "بتـاح" فى "منف" يحمل اللقب:  (wr-xrp(w)-Hm(w)) ، بمعنى: (رئيس الصناع)، أو: (الزعيم الأول للفنانين)، كما لو كان المعبد مصنعاً للمعبود.
وربما كان كبير كهنة "بتاح" يشغل فى الواقع وظيفة (الرئيس الأعلى للفنانين) فى مدلولها المعنوى، فقد كان فى الدولة القديمة يعتبر رئيساً فعلياً لكل أعمال النحاتين، والأعمال الأخرى المماثلة.
     وكان يشغل هذه الوظيفة فى الدولة القديمة -فى وقت ما- رجلان فى نفس الوقت، ربما لتوزَّع عليهما أعمال هذه الوظيفة التى كان نصفها دينياً، ونصفها الآخر دنيوياً.
وقد كان الكاهن الأكبر للمعبود "ﭽحوتى" فى "الأشمونين" يحمل اللقب:  (wr-diw)، أى: (كبير الخمسة)، ويُقصد به: (كبير الخمسة فى بيت أو معبد "ﭽحوتى").
    وقد كان رئيس كهنة "آمون" فى "طيبة" يحمل لقب   (tpy Hm-nTr n Imn)، بمعنى: (الكاهن الأعلى لآمون)، والذى كان له مكانة متميزة ودور بارز خلال الدولة الحديثة. وكان يحمل نفس اللقب أو لقب (الكاهن الأول) رئيسُ كهنة كل من المعبودات "مين"، و"إنحور"، و"حتحور".
   وقد كان الكاهن الأكبر هو الذى يمثل الملك فى المعبد، وكان يقوم فى غياب الملك بالشعائر الدينية بالإضافة إلى الوظائف الإدارية. وقد كان على رأس كهنة "آمون" -بعد الكاهن الأكبر لآمون- كهانٌ آخرون يُطلق عليهم (الكاهن الثانى، والثالث، والرابع)، وكانوا يعملون كمساعدين للكاهن الأكبر فى المهام الروحية والإدارية.
   وقد كان أول ظهور للقب (الكاهن الثانى لآمون) فى عصر الملك "أحمس الأول" فى بداية الأسرة الثامنة عشرة ؛ وكان يحل محل الكاهن الأول الذى كانت مهامه الدينية والسياسية تضطره -فى أحيان كثيرة- إلى الغياب عن معبد "الكرنك"؛ ولكن كان كثيراً ما يختص بأملاك المعبد، وكان يعاونه "الكاهن الثالث والرابع" فى تصريف الأمور فى أملاك المعبود الكبير.
الطبقات الأخرى للكهنة
    وهناك طبقات أخرى كانت أقل شأناً، وكان كهنة هذه الطبقات يعاونون الكهنة العظام الذين يكرسون كل حياتهم فقط للمعبود فى أداء الخدمات الكثيرة الواجبة نحو المعبودات. وكانت هذه الطبقات تقسَّم إلى أربع مجموعات أو فرق، ثم ازداد عددهم إلى خمس فرق اعتباراً من عام 238ق.م.
   وقد كانت كل فرقة تخدم فى المعبد ثلاث فترات فى السنة، كل فترة مدتها شهر واحد، أى أنهم كانوا يخدمون ثلاثة أشهر فى السنة (ليست متصلة). وكانت التسمية المصرية القديمة للفرقة (sA)  ، وفى العصر اليونانى كانت التسمية " فَيلى" (phylé)، أى: (مجموعة، فرقة). أما فى غير أوقات النوبات (النوبتجيات)، فكانوا يعملون بالورش داخل الحرم الإلهى حسب مهنهم، أو يعملون بالزراعة فى مزارع المعبود، وأحياناً ما كانوا يكلفون بمهام خارج المعبد.
     ويمكن تقسيم هؤلاء الطبقات إلى ثلاث طوائف:
- الكهنة المرتلون.
- الكهنة المطهرون.
- الكهنة رجال الأعمال الشاقة .
 وكان يطلق عليهم (Imy-st-a)، ومعلوماتنا عنهم ضئيلة، والظاهر أنهم كانوا يلحقون بين الكهنة، ويقومون بدور شاق، ولا نعرف لقب رئيسهم.
   وهناك جماعة من الدارسين والمثقفين فى (بيت الحياة) الذى كان يُلحق بالمعابد، ويسمى: "بر عنخ" (pr-anx) ،  ، أى: (بيت الحياة). وكان هؤلاء يعنون بالكتب الدينية اللازمة للعبادة وغيرها من ألوان المعرفة.
   وقد كان المفروض أن يكون لكل معبد ذى مكانة ملحوظة (بيتُ حياةٍ) خاص ٌبه، وكأنها معاهد علمية تلحق بالمعابد، وكأن المتخرجين منها لم يكونوا كهنةً بالمعنى المعروف، فهم أقرب للعلم منهم إلى الدين، وألقابهم الخاصة بالكتاب أكثر من التصاقهم بألقاب الكهنة.
   وهناك كاهن يسمى "سـم" (sm)   ، وهذه الطائفة من الكهنة كانت توجد بين كهنوت أرباب معينين فقط، ولم يكونوا موجودين ضمن كهنة "آمون"، ولكن كانوا يلعبون دوراً هاماً بين كهنة "هليوبوليس" وكهنة "منف". وكان من أهم واجبات هذه الطائفة القيـام بطقسة تسـمى (wp-r)،  ، وتعنى (فتح الفم)، ويُقصد بها فتح فم المتوفى، وتحفيز أو حث أعضاء جسده حتى يحيا من جديد فى العالم الآخر، ويتقبل قرابينه بنفسه.
    وهناك (كهنة الساعة) وجماعة الفلكيين، وهم الذين يحددون أيام الأعياد والمآسى، وما قد يشير اليوم إليه من نحوس أو سعود. ولا نزاع فى أنهم كانوا يكلفون بكل الأعمال المادية الخاصة بالمعبد، وأنهم كانوا يقومون بأعمالهم فى فترات منظمة، ولمدة معلومة قد لا تزيد فى الأصل عن ساعة إذا حكمنا على ذلك من اسمهم.
    وهذا بالإضافة إلى أنه -بجانب الكهنة- كان يوجد فى المعابد طائفة من الإداريين، وأعداد هائلة من المساعدين من حراس المبانى المقدسة، وعمال الصناعة، والقصَّابين، والجنَّازين وغيرهم. وذلك فضلاً عن الفنانين، والمهندسين، والنقاشين، والرسامين، والنحاتين. ولا ننسى جماعة المغنِّين والمغنيات، والموسيقيين والموسيقيات، والذين كان لهم دور فى الحياة الدينية فى المعبد.
   وبهذا فقد شغل الكهنة جماعة منغلقة لها نظام رئاسى متدرج وكأنه هرم متدرج من الكهنة. وقد احتلوا مرتبة هامة فى بنيان المجتمع المصرى. وبصرف النظر عن التفاوت الذى كان قائماً بين رأس هذا الهرم الكهنوتى وبين القاع العريض من الكهنة الصغار الذين يقومون بالمهام الثانوية فى المعبد، فإن الكهنة عموماً كوَّنوا فئة اجتماعية متميزة بالمقارنة لمجموع الفلاحين وغيرهم من الموظفين، فقد كانت مواردهم أكبر، وكانوا يعتبرون من صفوة الأهالى.

 
تعليقات
الاسمبريد إلكترونيرسالة