U3F1ZWV6ZTE2NDAzNzE1MDYwMTE2X0ZyZWUxMDM0ODg4MTkwMzEzNw==

بـات (BAt)

بـات   (BAt)

       عادة ما تصور هذه المعبودة فى هيئة تجمع بين المعالم الآدمية (وجه أنثى)، والمعالم الحيوانية (بأذنى جاموس، وقرنين يتجهان بشدة نحو الداخل من أعلى). وقد ظهرت "بـات" منذ عصور ما قبل وبداية الأسرات، وارتبطت عبادتها بالإقليم السابع من أقاليم مصر العليا (BAt، "ديسبولس بارﭭـا": "هُـو" حالياً)، وذلك منذ بداية الأسرة الرابعة على أقل تقدير، حيث تجسدت فى اسم ورمز الإقليم.
      ويرجع أقدم ذكر للمعبودة "بـات" -من خلال اسمها - إلى عصر بداية الأسرات، وذلك على إناء من الديوريت من "الكوم الأحمر"، مصاحباً لرمز المعبودة المصور على الحافة المقابلة لنفس الإناء، حيث كتب الاسم بعلامة طائر (اللقلق)  ، والذى يعبر عن الدلالة الصوتية (BA).
     وقد قرأ  "زيته" اسم المعبودة "بـات"، وعلق بأن الاسم هو المؤنث من كلمة (bA)، أى: (الروح). ويعنى الاسم: (الروح، أو: القوة المؤنثة ذات الوجهين، أو: الروح والقوة السحرية الكامنة داخل الصورة ذات الوجهين). ويرجع ظهور المعبودة "بات" فى الشواهد الأثرية إلى عصور ما قبل الأسرات، وبداية العصور التاريخية؛ حيث لعبت "بات" دوراً هاماً كمعبودة على الأقل منذ نهاية عصر ما قبل الأسرات، وبداية العصور التاريخية.
هيئة المعبودة "بات" بوجهيها
    وقد اتخذت شكل (رأس تجمع بين المعالم الحيوانية لرأس الجاموس البرى، والوجه الآدمى لأنثى فى تصوير أمامى، بوجهين متدابرين غالباً). وصورت أحياناً أخرى فى شكل رأس ذات معالم حيوانية كاملة (صلاية "جِرزة").

تصوير للمعبودة "بات" أو رمزها
   وقد اتخذت المعبودة "بات" هذا الشكل الثابت والمميز لها، والذى يجمع بين المعالم الحيوانية للجاموس (وليس البقرة كما اعتقد معظم الباحثين سابقاً). ولكن من الأقرب للدقة أن هذا الشكل المميز للقرون المعقوفة نحو الداخل من أعلى بشدة، ربما يمثل أحد أنواع الجاموس، وبشكل أكثر دقة الجاموس الإفريقى المعروف علمياً باسم (Bos Primigenius Opisthonomus) ، وذلك وفق ما توصلت له نتائج أحدث الدراسات حول المعبودة بات.
    ويعتبر أقدم تصوير للمعبودة "بات" أو رمزها، ما كان على لوحة من الخشب المطعم بالعاج والذهب (ويمثل جزءاً من صندوق من عصر ما قبل الأسرات من "أبو رواش")، تمثل رمز المعبودة "بات" بين رمزين للمعبود "مـين". وظهرت "بات" فى هيئة سيدة جالسة لها وجه أنثى، ولها أذنان حيوانيتان وقرنان، ويزين رقبتها أنشوطة تشبه رباط "إيزيس" والجزء السفلى المميز لقلادة "بات"، وذلك داخل محفة من "أبيدوس".
    وارتبطت "بات" بالسماء والنجوم، وذلك من خلال تصويرها على صلاية "جِرزة"، ، حيث مثلت على الصلاية أقدم تصوير حيوانى كربة للسماء ، وعلى هذا فإنها تعتبر تمثيلاً للربة "بات" كأقدم صورة لربة السماء، فى تصوير رمزى لقوة سماوية غيبية. 
   وظهرت "بات" على صلاية "نعرمر" بالمتحف المصرى (ك:14716)، حيث صورت أربع مرات على قمة الصلاية على الوجهين، لترعى وتدعم الملك فى حروبه وانتصاراته.
وصورت أيضاً كزخرفة على حزام الملك على نفس الصلاية. ولا شك فى أن تصويرها على هذا الأثر الهام يعكس بالضرورة المكانة الرفيعة والهامة للمعبودة "بات" كمعبودة حامية رئيسية فى هذه الفترة من بدايات التاريخ المصرى.
   وعلى لوحة عاجية (ربما تمثل جزءاً من تطعيم لصندوق، من مقبرة الملك "سمرخت" بأبيدوس، من الأسرة الأولى)، صورت رأسان للمعبودة "بات"، كانتا مشابهتين لتلك الرأس المصورة أعلى صلاية "نعرمر".


رأسان للمعبودة "بات"، كانتا مشابهتين لتلك الرأس المصورة أعلى صلاية "نعرمر".المتحف المصري
   وقد ارتبطت المعبودة "بات" بالكثير من المعبودات، ويأتى فى مقدمتها علاقتها بالمعبودة "حتحور"، والخلط والمزج الذى حدث بينهما، وذلك نظراً للتشابه الشديد فى الهيئة وبعض الخصائص التى اغتصبتها "حتحور" من "بات"، مما كان له الأثر البالغ فى صعوبة الفصل والتمييز بينهما لدى بعض الباحثين والدارسين، وبما أدى إلى نسبة الكثير من الشواهد الأثرية الخاصة بالمعبودة "بات" إلى المعبودة "حتحور" على سبيل الخطأ. ويأتى فى مقدمة هذه الأشكال -على سبيل المثال- ذلك الشكل المصور على صلاية "جِرزة"، وعلى صلاية "نعرمر".
    وللتفرقة بين الربتين من حيث الشكل يجب الأخذ فى الاعتبار بعض الملاحظات التالية، والتى أخرجتها الدراسة البحثية سالفة الذكر:
- تصور المعبودة "بات" -عادةً- فى شكل (رأس ذات معالم حيوانية وآدمية، فى تصوير أمامى). وتكون قرون "بات" منبعجة قليلاً فى استدارة للداخل باتجاه منتصف الرأس من أعلى، وهى تمثل قرون الجاموس الإفريقى (Bos)، وأحياناً ما يكون بها حزوز عرضية.
- وقد تحول شكل قرون "بات" إلى شكل القرون اللولبية الاستشعارية، وانتقل منها إلى الصلاصل والتيجان الحتحورية رموز "حتحور" . والشكل التالى يوضح هيئة المعبودة "بات" بوجهيها (إلى اليمين: لوحة عاجية من مقبرة الملك "سمرخت" بأبيدوس؛ وإلى اليسار: صلاية "جرزة، المتحف المصرى").
     أما المعبودة "حتحور" فتصور فى هيئة بقرة كاملة، أو سيدة تضع تاج "حتحور"، وتكون دائماً فى الوضع الجانبى، باستثناء التصوير الخاص برموزها، والتى اتخذت فى الأصل شكل المعبودة "بات".
    بينما غالباً ما تكون قرون "حتحور" طويلة ومفتوحة عند نهايتها العليا نحو الخارج، وبينها قرص الشمس. أما وجه "حتحور" فيكون بالشكل الحيوانى الكامل للبقرة فى حالة الهيئة الحيوانية، والوجه والرأس الآدمى فى حالة الهيئة الآدمية الكاملة.
   وارتبطت "بات" بالمعبودة "إيزيس"، حيث اتسمت العلاقة بينهما بقوة وتشعب، إلى حد أدى إلى اعتبارهما أو النظر إليهما كمعبودة واحدة. فقد عرفتا كربتين للسماء، ووردت الإشارة إليهما فى "نصوص التوابيت" كمعبودة واحدة "بـات-إيـزة".
    كما ارتبط (رباط أو عقدة "إيـزة") المعروف باسم رباط أو عقدة (تيت)  برمز المعبودة "بـات"، وذلك حيث ظهرت علامة (تيت) أسفل رمز المعبودة "بات" فى القلادة المعروفة باسم "بات". وقد حل رمز "بات" محل علامة (تيت) فى زخرفة لأحد الدعامات من معبد "مـين" فى "قـفط"، من عصر الملك "ببى الثانى"، حيث صور رمز "بات" بالتبادل مع عامود (ﭽـد).
    ويرجع أقدم تصوير لربة السماء إلى عصر ما قبل الأسرات، وذلك للمعبودة "بات" على صلاية "جرزة" ، ويعرف هذا التصور للسماء من خلال تصويرها فى العصور التاريخية فى هيئة "البقرة السماوية" ذات الأربعة أرجل تمثل دعامات السماء، وجسمها يمثل سقف السماء.
   وقد اتفق معظم الباحثين حديثاً على أن أقدم تصوير لربة السماء فى هيئة البقرة قد جاء على صلاية "جِرزة"، وعلى إناء من الديوريت من "هيراكونبوليس"، وعلى صلاية "نعرمر"؛ حيث صورة معبودة السماء البقرة فى صحبة النجوم، وهى شواهد تنسب جميعها للمعبودة "بات"، وهو ما يؤكد كون "بـات" أقدم صورة معروفة حتى الآن لربة السماء.
   وقد ارتبطت "بات" كذلك بالمعبودة "شنتيت"، وهى المعبودة التى اتخذت هيئة بقرة راقدة تضع قرص الشمس فوق رأسها، أو تعلق رمز "بات" فى دلاية حول رقبتها . وقد صورت وهى تضع حول رقبتها الرمز "بات" فى معبد "سيتى الأول" فى "أبيدوس" (انظر لاحقاً عن الربة: "شنتيت"، والشكل التوضيحى المرفق بالعرض).
    وكذلك ارتبطت المعبودة "بات" بالمعبود "مـين" (رب الخصوبة) منذ عصور ما قبل الأسرات، فقد اعتبرت هى أقدم المعبودات الأنثوية، والتى ارتبطت بالمعبودة الأم منذ ما قبل العصور التاريخية المصرية.
    وقد صور رمز المعبودة "بات" بين رمزى الخصوبة للمعبود "مـين" على قطعة من الخشب والعاج المذهّب من عصر ما قبل الأسرات من "أبو رواش"، وهذا ما قد يبرهن على وجود ارتباط وظيفى بينهما من خلال اجتماع الرمزين معاً.

علاقة "بات" بالملكية
     ارتبطت المعبودة "بات" بالملك، مثلها مثل معظم المعبودات المصرية التى وضعت فى علاقات مختلفة مع الملك أو الملكية. فقد صورت المعبودة "بات" على صلاية الملك "نعرمر" تدعم وتساند الملك فى حروبه وانتصاراته. وقد شخصت كأهم معبودة على الصلاية ، وهو ما يدعم القول بأنها واحدة من أهم المعبودات المرتبطة بالملكية منذ عصور ما قبل الأسرات.
    كما ارتبط رمز "بات" بالزى الملكى كزخرفة، وذلك على صلاية "نعرمر"، ثم على جزء من تمثال للملك "جسر" (زوسر) من الأسرة الثالثة. وقد ارتبطت المعبودة "بات" بالملك المتوفى فى إحدى فقرات "نصوص الأهرام" (Pyr.1096)، والتى تشير إلى تشبيه الملك بالمعبودة "بات" ذات الوجهين، وحماية الملك بواسطة وجهى "بات" اللذين يدفعان عنه كل الأشرار.
   وقد تأكدت علاقة المعبودة "بات" بالملكية وعملية التوحيد كذلك من خلال تمثيلها في بعض قطع الفنون الصغرى، حيث ظهر رمز "بات" بين المعبودين "حـور" و"سـت" (ممثلى الملكية) على بعض قطع الحلى من عصر الدولة الوسطى (قلادة لأميرة من الأسرة الثانية عشرة)، ونقوش بعض الأختام والجعارين التى صورت رمز المعبودة بين رموز الملكية المختلفة.


 
تعليقات
الاسمبريد إلكترونيرسالة