U3F1ZWV6ZTE2NDAzNzE1MDYwMTE2X0ZyZWUxMDM0ODg4MTkwMzEzNw==

النشاط الكهنوتى


 النشاط الكهنوتى
       كما ذكر من قبل، لم يكن الكهنة أصحاب رسالات إلهية، أو من أصل إلهى، وإنما كانوا أشخاصاً عاديين مأذونين من الملك بأن يحلوا محله فى أداء بعض الطقوس الدينيية اللازمة للصالح العام. وهذه الطقوس اليومية كانت تتم يومياً على اعتبار أن المعبود -من وجهة نظر المصريين القدماء- يشبه البشر فى احتياجاته المادية، وكان واجباً على الكهنة تأدية هذه الاحتياجات المادية للمعبود بصفة دورية ويومية.
  واجبات الكهنة فى الخدمة الدينية فى المعابد
      تسجل نقوش ومناظر جدران المعابد بالنص والصورة إلى جانب ما أبقى عليه الزمن من نصوص دونت على البردى طقوس التقدمة وشعائر الخدمة اليومية فى المعبد.
     وتنقسم شعائر الخدمة اليومية فى المعبد إلى نوعين؛ النوع الأول يتمثل فى الخدمة التى تؤدى فى المعبد نفسه، وتقوم بها طوائف من الكهنة والخدم والمساعدين فى شتى المجالات داخل حرم المعبد نفسه؛ والنوع الثانى وهو الخدمة (أو العبادة) اليومية لتمثال المعبود فى قدس أقداس المعبد، وكان الذى يقوم بها هو الملك، أو فى الغالب الكاهن الذى ينوب عنه، ولم يكن يسمح لسواهما بدخول قدس الأقداس .
   ولقد حُفظت مظاهر الخدمة اليومية فى المصادر المصرية، ونذكر منها سجلين رئيسين، أحدهما يتكون من سلسلة من الرسوم والنقوش المصاحبة فى عدة هياكل بمعبد "أوزير" فى "أبيدوس"؛ والثانى يؤرخ بالأسرة الثامنة والعشرين، ويتعلق بالمعبود "آمون"، ويوجد فى بردية هيراطيقية بمتحف "برلين". وكلا الفقرتين متشابهتان جوهرياً، بحيث يكوِّنا معاً الصورة الخاصة بالاحتفال الدينى. ويعتبر الملك فى الأصل هو صاحب الحق الأول والوحيد فى إقامة الشعائر للمعبود؛ وذلك لأن علاقة الأرباب بالملك تختلف عن علاقة الأرباب بأى فرد من الرعية؛ فهو بوصفه ملكاً على مصر كان ابناً وخليفة للمعبودات، ولذا كان عليه أن يقوم بتقديم القرابين وإقامة الشعائر لها، ومن ثم كان هو الكاهن الأول لكل معبود فى البلاد .
    ونظراً لاستحالة قيام الملك بدوره فى إقامة الطقوس والشعائر لكافة الأرباب فى كل المعابد فى آن واحد، فضلاً عن انشغال الملك بالأمور السياسية المتعلقة بإدارة وتسيير شئون البلاد، فقد كان ينييب عنه كهنة مختصين بذلك، كل منهم فى معبده، ليقوموا بأداء هذه الطقوس والشعائر بدلاً منه، وذلك باسم الملك.
     الغرض من إقامة الطقوس الدينية للمعبود
    لم يكن المعبود المصرى قوة معنوية تُعبد فى أى مكان، وإنما كان فى نظر المصريين القدماء كائناً ذا وجود مادى، وله احتياجات كاحتياجات البشر؛ إذ يطلب الغذاء والكساء والزينة. ومن هنا كان العاملون فى خدمته من رجال الكهنوت أشبه بمن يحيطون بعظيم فى قصره، ويتسمون مثلهم بخدمته.
    وكان الكهنة يضمنون خلود نظام الكون وفقاً لما استقر عليه منذ اليوم الأول للخليقة، وذلك شرط قيامهم بالشعائر المستحقة نحو المعبود. فبدون إتمام هذه الشعائر اليومية المسئول عنها أولئك الكهنة، يمكن أن يعود الكون إلى حالة الفوضى الأولى .
    والحقيقة أن حفظ التوازن الكونى كان أولاً مهمة الملك، والذى كان لابد عليه عمل "الماعت" (mAat) فى مصر، ولهذا كان يفرض القوانين ويشرعها من ناحية، وينيب عنه الكهنة فى أداء النواحى الدينية. أى أن الدور الرئيسى للكاهن كان يتلخص فى الوساطة لحماية النظام الكونى.


تعليقات
الاسمبريد إلكترونيرسالة