U3F1ZWV6ZTE2NDAzNzE1MDYwMTE2X0ZyZWUxMDM0ODg4MTkwMzEzNw==

الرجل


        منذ أن بدأت الخليقة وخلقت الكائنات الحية من بشر.. وكلما توغلنا على مدى آلاف السنين في حضارة النيل المصري، وفي الوقت الذي بدأت فيه المخلوقات تعبر بالنقش وبالتشكيل عن اهتمامات معيشتها وأحوال حياتها، تطالعنا صورة الرجل والمرأة، كل منهما في الإطار والحال الذي اختارته الطبيعة، وفي هذا الإطار صور الرجل كمحارب، وصائد، وقواد، وربما ساحر أيضًا.
       أما الصورة الأنثوية فهي تعبر عن الحب والخصب أوالمشاركة الوجدانية "أي الحبيبة والأم والباكية الناحبة"، وهي التي تعطي الحياة للمولود أوتعني بالميت الراحل نحو أبديته وخلوده، فهل هذا الاختلاف الفطري بين الرجل والمرأة أوجد نوعًا من عدم المساواة بينهما أم أنهما اندمجًا في مجتمع بالغ القدم كمجتمع مصر القديمة بدون أي فوارق.
     هكذا كانت تبدو- وفقًا للمظاهر- المرأة المصرية كمواطنة سعيدة في بلد يبدو أن المساواة بين الجنسين فيه كانت منذ القدم أمرًا طبيعيًّا تمامًا، وتمتد جذورها إلى أعمق الأعماق، ولقد بين "مريكارع" ذلك منذ وقت مبكر، في تعاليمه عند  قوله أن "الآدميين هم قطيع الإله ينعمون بمصير يحسدون عليه، فلقد خلق الخالق السماء والأرض من أجلهم وخلق النسيم لأنفاسهم، لأنهم على شاكلته خرجوا من بين أعضائه، ومن أجلهم يتألق في السماء، ومن أجلهم خلق أيضًا النبات، والحيوانات، والأسماك لإطعامهم".


                                                                                       
تمثال رع حتب من الحجر الجيري يعد نموذج للرجل في مصر القديمة.الدولة القديمة. المتحف المصري
      
       ويتبين من خلال مقولة مريكارع أن الآدميين كالأرباب ينعمون بهذه المساواة والتكافؤ في الخلق، وهي فكرة تمتد جذورها إلى أعمق أعماق المعتقدات الدينية المصرية، ولمَ لا فهذا الشعب هو الذي جعل من إيزيس سيدة الجنس البشري والأخت اليقظة الحريصة والزوجة الوفية المخلصة والمساندة لابنها من أجل العرش، لقد رسخت جذور هذه المساواة بين الجنسين في العادات والتقاليد السائدة بين أهالي وادي النيل، حتى أن نفس الاسم العلم كان من الممكن أن يطلق على الرجل والمرأة على حد سواء دون أي تمييز.
      وبذلك تكون مصر وفي نطاق العصور القديمة البلد الوحيد الذي خصص فعلاً للمرأة وضعًا قانونيًّا، يتساوى مع الرجل، ويبدو هذا واضحًا دون أي غموض طوال فترات التاريخ المصري المختلفة. فلم تعرف المرأة المصرية الوصاية التي خضعت إليها المرأة الرومانية، كما أن سلطة الأبوين وخاصة سلطة الأب كانت قبل كل شيء نوعًا من الرعاية، وفى مجال الميراث والتركة كانت الأيلولة تتطابق بين الرجل والمرأة.

تعليقات
الاسمبريد إلكترونيرسالة